الأختيااااااار قبل الحُـــــبْ
عندما نُحب .. يشعر الإنسان بقمة السعادة والتحليق في عالم آخر .. عالم خفقان القلب .. والشوق .. والوجد .. والفرح .. والأحلام .. والانتظار لمن يُحب .. سواء كان ذاك المُحب شاب او فتاة .
تجد المحبين سارحون بمخيلتهم وعيونهم فى السماء .. وقلوبهم فوق بساط السحاب .. إذا نظر الى الاعلى وجد صفاء السماء .. وإذا نظر الي الأسفل وجد بساطا ابيضا ناصعا تدفعه الريح ببطء وجمال .. وتلفح الوجه ريح ناعمة لطيفة باردة تمسى رياح المحبة والانتعاش .
لكنه لا يعلم انه مازال جسده على الأرض .. وحياته على الأرض .. وإنه يتعامل مع أهل الارض بطبائعهم المعروفة ذاك الكائن الذي يسمى الإنسان .. السريع في النسيان .
ذاك الكائن الذي وصفه الله سبحانه وتعالى فى محكم التنزيل فقال ( فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق للخيرات بإذن الله ) .
فى ظل تلك السباحة فى ذاك البحر الهادئ يفوت على الكثير بسبب الحب أن ذلك له أيام وأيام ونسال الله ان يصرف عن الجميع سوءة تلك الايام ..
فلابد من البحر من هيجان .. فتلك طبيعته .. وفي داخله أسرار .. ولابد للسابح فيه من معرفة طبيعته وأسراره وتقلباته .. ومعرفة ما يحتاجه عندما يقرر الخوض في غمار هذا البحر .
فهناك سؤال يطرح دائماً ..
هل الــــحُــــــــــــبْ يجلب للإنسان السعادة ؟؟
سؤال جوابه صعب الإسقاط على واقع المحبين ..!!!
فعندما نحب يغشانا حجاب المحبة الذي يغلف قلوبنا وعيوننا وعقولنا وحتى بعض الأحيان أجسادنا ..
فنصبح كالذي (يرد إلى أرذل العمر .. لا يعلم من بعد علمه شيئا ) إلا من رحم الله .
وشعاره قول الشاعر
وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلية
وأقول واؤكد الحُبْ ( كَحُبْ ) غالبا .. نعم غالباً لا يأتي بالسعادة .. !!
يقول البعض الفرح اللى احنا فيه .. الناس مو شايفين الانس وإنفراج الاسارير فى الصدر.. اصلك منت شاعر بالشيء اللي جوووانا .. او إنك ما تعرف الحبْ ..!!
ابتسم وأقول كما قال الشاعر
يقول أناس لو نعتَّ لنا iiالهوى ** ووالله ما ادري لهم كيف iiأنعَتُ
إذا أشتدَّ مابي كان أفضل iiحيلتي ** له وضع كفي فوق خدي وأسكتُ
عندما أتحدث عن الحُبْ سوف أتحدث عن الحُبْ الذي يقصد في نهايته الارتباط الشرعي .. أما غير ذلك فليس له فى مبادئي محلٌ من الإعراب .
فاعلم والكل يعلم ان مسألة الوقوع فى الحب أسبابها متعددة فمنهم يقع فيه في محيط القرابة والمناسبات .. ومنهم في صفوف الدراسة الجامعية التى فيها نوعا من الخلطة .. ومنهم كالجيران فى الحي .. ومنهم في السفر والسوق الخ .. وأصبح الغالب الأعم من الانترنت والماسنجر.
ومقام المقال ليس من أجل تخطئة سبب الحُبْ وطريقة البدء فيه .. لانني اعتبره قدراً لصحابه .. والشخص له من الاسباب فى حصوله .. والحُكم يختلف اسقاطه بالتأييد أو الرفض .. من طريقة او اسلوب أو وضعية الى اخرى.
فإذا اردنا السعادة بعد الحُبْ فلابد من الاختيار قبل الحُبْ ..
لا يمكن لاحد على وجه البسيطة أن يصنع السعادة في الحياة الزوجية من إختيار خاطىء .
السعادة معادلة كميائية تُجمع من عدة اخلاط اساسية من نسيج قواعد الحياة الإنسانية فينتج لدينا مركب اسمه السعادة .
جمعها سيّد البشر عليه الصلاة والسلام فى جوامع كلماته فقال :
( من ترضون دينهُ وخُلقه ).
ولكل صفة تفصيل متعدد الأخلاط إن لم يراعى مقدار وجود معدلات نسبه سوف تختل جودة مركب السعادة فى حياتنا اليومية "
بعض الأحيان نريد علاج أخطائنا .. فنقوم بعلاجه بخطأ آخر!!
ولو أن كثيراً من " المتعلقين بالحُبْ " لو تدبروا الأمر قبل بلوغ درجة " الحب " في القلب وفوات خط الرجعة .. وتجردوا لمصلحة أنفسهم لما تبددت السعادة من حياتهم بسبب عدم الاخذ بأسباب السعادة.
إن الاختيار الهادئ العاقل من كلا الطرفين لشريك الحياة ، والتدقيق في اسس الاختيار الناجح للشريك بمراعاة الجوانب الشرعية والعرفية .. وملاءمة كل منهما للآخر.. والتأمل فى امكانية نجاح هذا الارتباط من النواحي المزاجية والنفسية والعقلية والاقتصادية والاجتماعية.. يؤدي مباشرة الى زواج موفق وحياة سعيدة بين الطرفين .. وتعود ايضا هذه السعادة على الأهل والأقربين والأبناء فى المستقبل وعلى المجتمع ككل بفوائد كبيرة منها المرئي ومنها غير ذلك .
الاختيار الناجح لابد أن يكون على قواعد أساسية لا تنازل عنها ولا محاباة فيها .. وبترك هذه الاُسس فى اختيار الشريك تتكون أبعاد سلبية على الاسرة تتفاقم تدريجيا في ظل هذا الزواج .. من مشاكل نفسية للطرفين .. ولعائلتهما ... وتكون اشدُ ضراوة على الابناء اثناء هذه الحياة الزوجية او بعد حصول الطلاق وخاصة إن لم يتم استيعاب الأبناء بشكل جيد ومراعاة ظروف كثير من الجوانب النفسية والحياتية لهم .
وللأسف فى مجتمعنا وواقعنا الحالي ..
الخاسر الأكبر هو (( الفتاة )) , وفي حالات آخرى قد يخسر الرجل
ولا اريد ان اعلق على توابع هذا الامر فالامر معروف للجميع .
هذه بعض الأسباب المؤدية إلى الاختيار الخاطئ " للمحب الشريك " ..
وقد يكون سببا واحدا يكفي لسلوك درب الاختيار الخاطىء .. والبعض تجده يمتلك جميع الأسباب !!
أولا :
نقص العاطفة :ـ
أعتبر بل واعتقد واجزم إن من اكبر الأسباب لكثير من المشاكل الاجتماعية والاسرية والزوجية يكون " نقص العاطفة " او بمعنى اخر " الحنان المفقود " هو السبب الرئيسي وليس " الوحيد " فى " خلخلة " نظام الاسرة وايجاد المشكلات الاجتماعية .
وللأسف الكثير من أولياء الأمور لا يعون لخطورة نقص هذا الأمر عند أبنائهم او فقدانه نهائيا ..
إن نقص الحنان والعاطفة او فقدانها في حياة ابنائنا من بداية طفولتهم وحتى الى تجاوزهم سن الرشد والنضج .. " يولد لدينا أبناء مضطربين عاطفيا غير مستقرين نفسيا " يكون نتاجه اضطراب فى الحياة الاسرية قبل الزواج وبعد الزواج ويزداد ذلك بحجم اكبر لدى ( الفتيات ).
فتبدأ الفتاة او الشاب فى البدء البحث العشوائي عن البديل .. وغالبا ما يكون الطارق الأول " وأنت وحظك وشختك بختك " .
وينتج عنه من المشاكل ما الله به عليم منها " العلاقات الغير سوية – المخدرات – الفشل الدراسي – الوحدة والانطواء والاكتئاب – عقد النقص – التمرد – فشل العلاقة الزوجية لمطالبة الزوج بالتعويض العاطفي الناقص من قبل الام والاب والاخوة .. مع محدودية عطاء الزوج الفطرية المتاحة من الحنان والعطف فينصب اللوم عليه!!.
ثانيا :
مشاكل الوالدين :ـ
المشاكل الأسرية داخل محيط الأسرة وخاصة من ناحية الوالدين فيما بينهما .. او التعامل مع الابن او الابنة بأسلوب " متسلط جاف ارعن مجحف فيه تفرقة بين الأبناء " يؤدي الى دمار الابن والابنة من جميع النواحي ولا يمكن توقع ما يصدر عنهم من ردة فعل لهذا الأسلوب القاسي ..وبعد ذلك يشتكون الاباء لنا يقولون ابنتي فلتت من يدي او ابني ضاع ماذا نفعل 0هذا ما نسميه الهروب من جحيم المنزل .
ثالثا :
الاستعراض الاجتماعي :ـ
حب الاستعراض والبرستيج او مانسميه " التفاخر " ..
سواء كان فى امر من مظاهر الحياة او حتى لو كانت المفاخرة فى امر حرام نجده عند الكثير .. فنجد ان الشاب يتباهى بوجود حبيبة ما .. اوالفتاة تتافخر انها " شعلقت " فلان من الناس وسوف تتزوج به .. وهذا للأسف من نتاج التربية الخاطئة للأبناء .. التي زرعت حب " الكبر والغرور " والتي تؤدي الى فساد طبيعة الابن والابنة مما يجعلهم خاسرين كل شىء من احباب واصدقاء وازواج وحتى في خسارة تربية الجيل المقبل على مبادىء خاطئة .
رابعا :
الفراغ وزيادة المؤثرات:
لاتوجد مفسدة مثل مفسدة الفراغ .. فإضاعة الاوقات فى التوافه .. تجعل صاحب الفراغ عرضة لشياطين الانس والجن .. غير اشغال الوقت بما يدور في قنوات " الغيّ والفساد " التي تساعد في اشعال الشهوات وتأجيجها .. فينتج عن ذلك البحث بأسلوب عشوائي رغبة فى الزواج وانهاء المعاناة المترتبة على ذلك " ومن جرف لدحديرة ياقلبي لا تحزن ".
والان نستعرض سويا " مقومات الاختيار الصحيح "
أن الاختيار الصحيح في تحقيق السعادة الزوجية يكمن حيث أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في انتقاء الأصحاب حيث قال :
" المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" وهذا الحديث قيل فى حق الاصدقاء فما بالكم كيف يكون في حق من ستلتصق معه فى كل شى فهو من باب اولى ان يدقق النظر والتحرى والبحث والسؤال .
وأول هذا البحث والتحري عن الشريك هو السؤال عن "
الدين : فقال عليه الصلاة والسلام في جوامع الكلم : (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)..
فلا ينفصل ولا يصح دين من غير خُلقْ ( أو ) خلقٌ من غير دين ..
فلا ينفك احدهما عن الاخر وهو توجيه نبوي " لا ينطق عن الهوى "
فلا اعتبار للملتزم او المحافظ ولو كان صوّام قوّام وخلقُه سيء ولسانه بذيء او فيه من الصفات التى لا تعد من فضائل الاخلاق كالمكر والخديعة والغيبة والنميمة .
ولا اعتبار لصاحب الأخلاق الجميلة المتأدب بين الناس وهو لا يصلى او لا يصوم او يرتكب الفواحش من زنا وشرب للخمر أو يأكل اموال الناس بالباطل .
وإذا اختل شرط الدين او الخلق اختلت واضطربت معه الحياة الزوجية .
الرؤية : النظرة الشرعية كثير من الناس لا يسمحون برؤية المخطوبة ويكتفون برؤية الام او الاخت وفيه مخالفة صريحة للتوجيه النبوي عن "المغيرة بن شعبة " أنه خطب امرأة فقال النبي " صلى الله عليه وسلم":
" انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكم " (يؤلف بينكم) أي إن هذه النظرة أدعى لدوام المحبة والألفة بينكما. رواه الترمذى
وهكذا تكون الرؤية والنظرة الفاحصة المتبادلة هي أول التيسيرات الممنوحة في فترة الخطوبة من أجل المزيد من التعارف والألفة بين الطرفين.
والله ان هناك من يقع فى الحب من الفتيان والفتيات ويتفقون على الزواج وهم لم يرون بعض وخاصة عبر الماسنجر!!؟؟
والنتيجة النهائية ان يقع الانسان فى الاحباط لان زوجته او زوجها كان دون الوصف .
التكافؤ والتوافق : مطلب من المطالب المهمة لإيجاد السعادة الزوجية بين الطرفين ولا بد من مراعاتها وهي قد تكون نسبية من شخص لاخر فلابأس وهي كثيرة
وهناك مايسمى التوافق الطبائعي بمعنى هناك ما يعرف بعلم الطبايع ( فالبعض ذو طبيعة هوائية – وهناك الطبيعة المائية والطبعية الترابية والطبيعة النارية ) لا مجال لتفصيل امرها هنا فإذا كانت طبيعيتن مضادتين نادرا ما تستمر الحياة بينهما واذا استمرت فهي في غليان الا ما رحم الله والله المستعان ..
وهناك اسلئة لابد من وضعها نصب العين لاختيار المحب الشريك او ( الشريك المحب ).
1- ما هي المميزات التي لا أستطيع التنازل عنها ؟
2- ما هي المميزات التي أستطيع التنازل عنها ؟
3- ما هي العيوب التي أستطيع تحملها ؟
4- ما هي العيوب التي لا أستطيع تحملها ؟
وبعدها استخيرووو واستشيرووو وياربي وفقهم
ارجو التفاعل من الجميع بالأجابه على الاسئله وأضافة تعليقاتكم و وجهة نظركم.
تحياااتي
ابو وليد